الأربعاء، 23 فبراير 2011

تأملات في الحركات السياسية الدينية في تونس





إن الانتماء إلى الإسلام في تونس يعتبر من المسلامات التي لايمكن مجادلتها فهو جزء من التركيبة الثقافية و النفسية للتونسي إلا أن في هذا المستوى لابد من التميز بين الانتماء العقائدي و الانتماء الحضاري للإسلام ,فكل المثقفين على اختلاف مشاربهم يجمعون على الانتماء الحضاري لان الإسلام هو ابرز مقوم للهوية التونسية وللأمة . لكن الملاحظ اليوم أن رياح الحرية والكرامة أفرزت قيام تيارات سياسية إسلامية مستقلة أخذت في التعبير عن نفسها وتراوح ذلك بين العمل التنظيمي الحزبي ومثاله حركة النهضة وحزب العادلة والتنمية إلى العمل الميداني الذي تقوم به جملة من الحركات الاسلامية في بلادنا و تجلى بوضوح في الحملة التي قادتها في ربوع الجمهورية لاغلاق المواخير واماكن الدعارة .كل ذلك يدفعنا اكثر من ذي قبل الى دراسة هذه الحركات لفهمها ومعرفة كيفية التعامل معها .

في البداية يجب ان نعلم ان الطيف السياسي الاسلامي في بلادنا متكون من اربعة تيارات رئيسية تجمع بينها الايديولوجيا و يفرقها اسلوب العمل ,وهي عوما حركة النهضة وجماعة الدعوى و التبليغ و حزب التحرير و الحركة السلفية,تتفق هده الحركات على اساس جوهري و هو ان الاسلام هو دين وحياة فهو منهج سياسي و اجتماعي و اقتصادي و ثقافي و هو الحل الامثل للنهوض بالامة من ركودها لكنا تختلف في مستوى اليات العمل و هنا تتوزع الى ثلاثة اصناف وهي :


-اولا الحركات التي تسعى الى بناء واقع خاص بها في اطار الواقع العام للمجتمع بحيث تكون مجتمع موازي للمجتمع الام تطبق فيه تعاليم الكتاب و السنة الى ان تتكاثر وتجلب لها بقية اعضاء المجتمع الاخرين وشعارها في ذلك هو العمل الهادئ و الدوؤب الذي يمتد لسنين اي محاولة تغير المجتمع من الداخل .المهم انها تحاول ان تسقط المرجعية الدينية دون اثراءها بالاجتهاد او البحث على الواقع و كل ما تقدمه هو التمسك و الالتزام المطلق بماجاء في القران و اقرته السنة دون تطوير او تغير وهذا هو اسلوب جماعة الدعوى و التبليغ .




-ثانيا الحركات التي تحاول ان تغير الواقع المجتمعي حتى يتلائم مع النص ومثالها الحركة السلفية و حزب التحرير وتعتمد في ذلك كل الاليات الممكنة والمطروحة في الساحة وغالبا ما تعرف بنوع من التصلب و التشدد الذي يصل في بعض الاحيان الى التطرف الفكري ,والمهم في هذه الحركات انها تغفل خصوصيات الواقع التونسي و لاتقدم بدائل ملموسة وفعلية في المستوى الاقتصادي والسياسي و الاجتماعي كما انها اختصت في الاونة الاخيرة بالتصادم مع الغرب مما ارسى ما يعرف اليوم بالاسموفوبيا .كما انها اثبتت فشل في كل تجارب الحكم التي قامت بها في العالم العربي و الاسلامي .




-ثالثا الحركات التي تسعى الى بناء لاتصور سياسي ياخذ في الاعتبار متطلبات الواقع التونسي وخصوصيات النص فهي تقوم بمحاولة تاويل النص بشكل معاصر تبنيه على روح النص وليس على منطوقه و هو مافرز جملة من التصورات السياسية الناجعة في العالم العربي الاسلامي ومثالها التجربة التركية التي قامت في معضمها على فكر حركة النهضة التونسية .


حيث تعتبر هذه الحركة من انضح الحركات الاسلامية السياسية في العالم ومشهود لها بالوسطية و الاعتدال و هي من الحركات التغييرية الهادئة والتي تتميز بالكفاءة والتمكن غير انه امام جهل التونسي ساسيا نتجة للقمع الذي عرفه منذ الاستقلال يبقي من الضروي التساول حول قدرة هذه الحركة على قيادة المشهد الاسلاموسياسي خاصة و انها لا تزال في بداية الظهورها السياسي في المشهد التونسي بعد المنع الذي عرفته في الفترة البوقيبة وحكم الطاغية بن علي اضافة الى خطابها الاعلامي لا ينطلق من استرايجية واضحة المعالم حيث ان تواجدها اقتصر على ارسال تطمينات للشعب دون محاولة القرب منه لافي شكل جرائد او منابر اعلامية او ندوات على كامل تراب الجمهورية و قد يكون ذلك ضرفي نتجة المناخ العام الذي تعرفه تونس .




ولك بصفة عامة لايمكن لاية معادلة سياسية في تونس بعد 14 جانفي ان تهمل هذه الحركات فهي حسب رايي ستقوم بلعب دور الحكم في اية تسوية سياسية في بلادنا اضافة الى فلوذ الحزب الحاكم السابق فهما الذان سيحكمان التوازنات السياسية القادمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق